سورة الأحزاب - تفسير تفسير الواحدي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأحزاب)


        


{يا أيها النبي اتق الله} اثبت على تقوى الله، ودُمْ عليه {ولا تطع الكافرين والمنافقين} وذلك أنَّ الكافرين قالوا له: ارفض ذكر آلهتنا، وقل: إنَّ لها شفاعةً ومنفعةً لمن عبدها، ووازَرَهم المنافقون على ذلك {إنَّ الله كان عليماً} بما يكون قبل كونه {حكيماً} فيما يخلق.


{ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه} هذا تكذيبٌ لبعض مَنْ قال من الكافرين: إنَّ لي قلبين أفهم بكلِّ واحدٍ منهما أكثر ممَّا يفهم محمد، فأكذبه الله تعالى. قيل: إنَّه ابن خطل {وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتهم} لم يجعل نساءكم اللائي تقولون: هنَّ علينا كظهور أمهاتنا في الحرام كما تقولون، وكان هذا من طلاق الجاهليَّة، فجعل الله في ذلك كفَّارة {وما جعل أدعياءكم} مَنْ تبنَّيتموه {أبناءكم} في الحقيقة كما تقولون {ذلكم قولكم بأفواهكم} قولٌ بالفم لا حقيقة له {والله يقول الحق} وهو أنَّ غير الابن لا يكون ابناً {وهو يهدي السبيل} أَيْ: السَّبيل المستقيم.
{ادعوهم لآبائهم} أَيْ: انسبوهم إلى الذين ولدوهم {هو أقسط عند الله} أعدل عند الله {فإن لم تعلموا آباءهم} مَنْ هم {فإخوانكم في الدين} أي فهم إخوانكم في الدِّين {ومواليكم} وبنو عمّكم. وقيل: أولياؤكم في الدِّين {وليس عليكم جناج فيما أخطأتم به} وهو ن يقول لغير ابنه: يا بنيَّ من غير تَعَمُّدٍ أن يجريه مجرى الولد في الميراث، وهو قوله: {ولكن ما تعمَّدت قلوبكم} يعني: ولكنَّ الجُناح في الذي تعمَّدت قلوبكم.
{النبيُّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم} إذا دعاهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى شيءٍ، ودعتهم أنفسهم إلى شيءٍ كانت طاعة النبيِّ صلى الله عليه وسلم أولى. {وأزواجه أمهاتهم} في حرمة نكاحهنَّ عليهم {وأولوا الأرحام} والأقارب {بعضهم أولى ببعض} في الميراث {في كتاب الله} في حكمه {من المؤمنين والمهاجرين} وذلك أنَّهم كانوا في ابتداء الإِسلام يرثون بالإِيمان والهجرة {إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفاً} لكن إن يوصوا له بشيءٍ من الثُّلث فهو جائزٌ {كان ذلك في الكتاب مسطوراً} كان هذا الحكم في اللَّوح المحفوظ مكتوباً.
{وإذا أخذنا} واذكر إذ أخذنا {من النبيّين ميثاقهم} على الوفاء بما حملوا، وأن يُصدِّق بعضهم بعضاً.
{ليسأل الصادقين عن صدقهم} المُبلِّغين من الرُّسل عن تبليغهم، وفي تلك المسألة تبكيتٌ للكفَّار {وأعدَّ للكافرين} بالرُّسل {عذاباً أليماً}.
{يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود} يعني: الأحزاب، وهم قريش وغطفان وقُريظة والنَّضير، حاصروا المسلمين أيَّام الخندق {فأرسلنا عليهم ريحاً} وهي الصَّبا كفأت قدورهم، وقلعت فساطيطهم {وجنوداً لم تروها} وهم الملائكة {وكان الله بما يعملون} من حفر الخندق {بصيراً}.
{إذ جاؤوكم من فوقكم} من قبل المشرق، يعني: قُريظة والنَّضير، {ومن أسفل منكم} قريشٌ من ناحية مكَّة {وإذ زاغت الأبصار} مالت وشخصت، وتحيَّرت لشدَّة الأمر وصعوبته عليكم {وبلغت القلوب الخناجر} ارتفعت إلى الحلوق لشدَّة الخوف {وتظنون به الظنونا} ظنَّ المنافقون أنَّ محمداً صلى الله عليه وسلم وأصحابه يُستأصلون، وأيقن المؤمنون بنصر اللَّهِ.
{هنالك} في تلك الحال {ابتلي المؤمنون} اختبروا ليتبيَّن المخلص من المنافق {وزلزلوا} وحرِّكوا وخُوِّفوا.
{وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض} شكٌّ ونفاقٌ: {ما وعدنا الله ورسوله إلاَّ غرورا} إذْ وعدنا أنَّ فارس والرُّوم يُفتحان علينا.
{وإذ قالت طائفة منهم} من المنافقين: {يا أهل يثرب} يعني: المدينة {لا مقام لكم} لا مكان لكم تُقيمون فيه {فارجعوا} إلى منازلكم بالمدينة، أمروهم بترك رسول الله صلى الله عليه وسلم وخذلانه، وذلك أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان قد خرج من المدينة إلى سلع لقتال القوم {ويستأذن فريقٌ منهم} من المنافقين {النبيَّ} في الرُّجوع إلى منازلهم {يقولون إنَّ بيوتنا عورة} ليست بحصينةٍ، نخاف عليها العدوِّ، قال الله تعالى: {وما هي بعورة إن يريدون إلا فراراً} من القتال.
{ولو دخلت عليهم} لو دخل عليهم هؤلاء الذين يريدون قتالهم المدينة {من أقطارها} جوانبها {ثمَّ سئلوا الفتنة} سألتهم الشِّرك بالله {لأتوها} لأعطوا مرادهم {وما تلبثوا بها إلاَّ يسيراً} وما احتبسوا عن الشِّرك إلا يسيراً، أَيْ: لأسرعوا الإجابة إليه.


{ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل} عاهدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل غزوة الخندق {لا يولون الأدبار} لا ينهزمون عن العدوِّ {وكان عهد الله مسؤولاً} والله تعالى يسألهم عن ذلك العهد يوم القيامة.
{قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل} الذي كُتب عليكم {وإذاً لا تمتعون إلاَّ قليلاً} لا تبقون في الدُّنيا إلاَّ إلى آجالكم.

1 | 2 | 3 | 4 | 5